إنها قصة قضيب

 

أنس

لا يمكنني أن أجزم بشكل قاطع إن كان ما يغريني إلى حد الجنون بعملية الولوج داخلي هو متعة جسدية خالصة، لتسري في جسدي وتحتلني كهرباء، أم أنه شعور آخر.. معنوي أكثر.. وممزوج ببصمة جسدية ما…

ما يختبئ خلف السحّاب، سحاب البنطلون القديم، الهوجو بوس، أرماني المزيف، أرماني الحقيقي، الشروال الإثني، الشروال الهندي، الجينز المهلهل، الجينز المقحط، الجينز الذي يبلغ ثمنه ألف شيكل.. أو خمسين شيكلاً قبل الخصم.. أو عندما تنساب يدك الناعمة عبر السحاب لتكتشف أنّ لا سروال داخليًا يفصل بين الرجل وما يريد أن يقول..

يختلف الأمر في نوادي الساونا الخاصة بالمثليين والتي تنتشر عادة في المدن الكبرى فقط؛ ففي المدن الصغرى ستتحول هذه النوادي إلى فضائح عمومية. في الساونا يأتي الرجال لهدف واحد ووحيد: مضاجعة رجال آخرين ومن يقول إنه يأتي  لدخول الساونا الجافة أو الرطبة أو سماع الموسيقى أو التعارف الإجتماعي أو مثلا ممارسة التعايش مع الإسرائليين- فهو كاذب. يأتي الجميع لإطفاء نيران أجسادهم وادخار قضيب جديد أو أكثر في حصالة ذاتهم الجنسية.

خطيئتي عظيمة…

خطيئتي عظيمة..

خطيئتي عظيمة جدّا..

لا زلت أسمع دقات قلبي حينما جئت الى هذا المكان أول مرة في جيل 18 عامًا، مستقلا باص رقم 826 من الناصرة إلى تل أبيب. لكن بعد أن ناكني أول رجل إسرائيلي أبيض وصلب بقضيب وردي مهم، أصبحت عبدًا لهذه الفكرة. فكرة المسافة بين صاحب القضيب وبين ما يلبس.. بين من هو وما هو… لقد كان أول رجل اسرائيليًا- وهو صحفي ومستشار إعلامي هام في الحكم. فإذا كنتَ محتلا فاذهب مع دور الضحية الى الآخر. ما أريح هذا المكان!

بعد مرور آلاف الأيام يشبه رجل اليوم أول رجل إلى حد بعيد. عينان زرقاوان صغيرتان، لكنهما مشرقتين تتركان أثرا مثيرًا، هو مزيج من الإغواء القاتل والطيبة. فم شبيه الى أبعد حد؛ جسده رجولي نحيل قليلا، ولكنه طبيعي، أي أن الحياة كوّنته وليس معاهد اللياقة وهذه الأجساد التي أفضلها. قضيبه.. يا الهي؛ منحوت ويصلح أن يُحفظ في المتاحف. هنالك غموض بري في هذا الرجل، أعشق الرجل الذي ينقض عليّ بقبلة شرهة، فهو يختزل أكثر من منتصف الطريق ويزرع في بدني الشهوة التي لا رجعة فيها ولا ندم. تداعب لحيته الطويلة بشرتي الدقيقة. ينتفض بدني ويكتسب ليونة خارقة. يعرف هذا الرجل ماذا يفعل ولا مكان للأسئلة بيننا، يتقاطع جسدانا في نهر هادر. يلجني الرجل الأبيض صاحب اللحية فأشعر -يا للعجب- بأني رجل حقيقي. أقبض على مؤخرته وأثبت كيانه داخلي كي أشعر أكثر وأكثر بأني رجل.

في غرفة تبديل الملابس يصطف الرجال -وخاصة المتزوجون منهم- في ساعة معينة استعدادًا للعودة إلى بيوتهم، عادة بين السادسة والسابعة مساءً، بعد أن خرجوا من مكاتبهم باكرًا واختلقوا لزوجاتهم أكاذيب مبتذلة. يتحوّل الجّسد الأنوثيّ الطريّ في غرفة تبديل الملابس إلى طبيب أسنان، والجسد الرجوليّ الذي لا يمكن مقاومة التفرج عليه فقط إلى مذيع في القناة الرسمية. أما ذلك الغريب الي يسير في السّونا من دون منشفة ليستعرض ما لديه، فيتحول في غرفة التبديل إلى شحاذ. وأما ذلك البدين الذي يتعامل مع رواد المكان كالخرقة المستجدية فهو محام مشهور للجرائم الفضائحية.

ينهض صاحب اللحية الذي زرع السعادة الخبيثة داخلي ويبلغني بأنّ عليه المغادرة. أستلقي قربه. أنتظر حتى يخرج من الحجرة ثم اتلكأ قليلا. لا أريد أن أستحمّ الآن؛ أريد أن أبقي بعضا من نكهته على جلدي. أصعد الى غرفة الملابس لأستل سيجارة ما بعد الجنس المجيد- لا زال هناك . تغيرت ملامحه بشدّة، أصبحت حادة وجامدة. يلبس بنطلونه الأسود التقليدي وقميصًا أبيض. هل هو محامٍ أم قاضٍ؟ يضع لفات المتدينين اليهود والكيبا (غطاء الرأس). قد يكون متدينا أرثوذوكسيا، يلبس جاكيت أسود ويخرج حقيبة كحلية عليها ملصق مكتوب عليه “الخليل لنا”؛ إنه مستوطن!

خطيئتي عظيمة…

خطيئتي عظيمة..

خطيئتي عظيمة جدّا..

 

عن قديتا

 

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail