أدريان ريتش – امرأة الحقيقة

الشاعرة الاميركية ادريان ريتش: من مواليد عام 1929, عملت كمحاضرة وأستاذة جامعية في أكثر من جامعة أميركية، ونالت العديد من الجوائز الشعرية، وكان أولها جائزة “يال” عن مجموعتها الأولى “تغيير للعالم”عام 1951 والتي كان الشاعر أودن قد رشحها للفوز. ثم توالت الجوائز خلال مسيرتها الإبداعية لتربو على الأربعين جائزة. لها في الشعر ما يفوق العشرين إصداراً أهمها: “تغيير للعالم”1951،”قاطعو الماس”1955، “لقطات فوتوغرافية لكنّة”1963، “ضروريات الحياة”1966، “وريقات”1969، “إرادة التغيير”1971، “الغوص في الحطام”1973، “عشرون قصيدة حب”1977، “الحلم بلغة مشتركة”1978، “صبر جامح جاوز بي الحدّ”1981، “أصول”1983، “موطنك الأصلي، حياتك”1986، “نفوذ الزمن”1988، “أطلس للعالم الصعب”1991، “عملية إنقاذ عند منتصف الليل”1999، “ثعلب”2001. وفي النثر لها ثمانية مؤلفات تتركز في معظمها على قضايا المرأة. توفيت ريتش في 27 آذار 2012

ترجمة : امال نوار

 

كلمة لم تُلفظ

مًنْ تملكُ القدرة على مُناداة رَجُلِها هي
من ذاك الاستغراق القصي
حيث فكره يطوفُ وحده
ومع ذلك، تحافظُ على طمأنينتها، تاركةً إياه
طليقاً،
وحينما ترتّدُ أفكارُه إليها
تقفُ حيث تركها، ما برحتْ مُلْكه،
تدركُ أنّ هذا هو الأمر الأصعب تعلّمه.

إنعكاسات ريفية

هذا هو العشب الذي فيه انغرست قدماكَ
أنتَ تلوّنه برتقالياً أو تغنيه أخضرَ
ولكنك أبداً لم تحظَ
بسبيلٍ لجعل العشب يعني ما تعنيه.

في وسع غيمة أن تكون ما تنويه:
طاووساً، برجاً مائلاً أوعيناً محدّقة
ولكنكَ أبداً لم تحظَ
بغيمة كافية لتجسّد السماء.

أُخرجْ إلى هناك بخبرتكَ الباهرة
“رايموند” الذي يجتاز المرج لا يفعل أقلّ
الطبيعة الإنسانية تقول:
الصبر الإنساني هو النجاح الحقيقي.

نفاد الصبر الإنساني يُعثّركَ إذ تركض؛
قفْ ساكناً ولا بدّ تثبت،
إنّه العشب ما يقضي على الجزّازة،
إنّها الغيمة ما يبتلعُ السماء.

حوار

تجلسُ ويدُ تعتمد على رأسها
والأخرى مصوبة خاتماً قديماً ناحية الضوء،
لساعاتٍ وكلامنا ملجوم
مثل مطرٍ على الحواجز.
إحساسٌ بآب وبرق الحرّ
أقفُ، أذهبُ لأحضّر شاياً، أعودُ
ننظرُ إلى بعضنا بعضاً
ثم تقولُ (وهذا ما أحيا في غماره
مراراً وتكراراً)- تقول: لا أعرف
ما إذا كان الجنس وهماً
لا أعرف
مًنْ كنتُ حين قمتُ بتلك الأفعال
أو مَنْ قلتُ أني كنتُه
وما إذا رغبتُ في أن أشعر
بما كنتُ قرأتُ عنه
أو مَنْ في الحقيقة كان هناك معي
أو ما إذا كنتُ أعرفُ، حتى في حينه
أنه كان ثمة شك حول هذه الأشياء.

حياتنا برمّتها

حياتنا برمّتها هي ترجمة
للأكاذيب المُباحة
والآن عقدة من الأكاذيب
تقضمُ نفسها كيما تُحَلّ،
كلمات متآكلة في كلمات
معانٍ مشتعلة كطلاءٍ
في موقدِ اللّحام،
كل هذه الحروف الميّتة
تُصيّرُ إلى لغة الظالم
مُحاولاً أن تُطلع الطبيب على موضع الألم
مثل الجزائري
الذي خرج مشتعلاً من قريته،
جسده كله غيمة ألم
وما من كلمات لهذا،
سواه.

منظر طبيعي مثالي

وجب علينا تقبّل العالم كما مُنح لنا:
المربية الجالسة هامدةً في المنتزه
في ما ندر كان ليبادرها أميرٌ عادلٌ عن رأيه بالكلام
الصباحات حلّت متشابهة ومُقفرة
في غرف الذات حيث نستيقظُ ونستلقي
متأملين يومنا الحاضر وهو ينفضّ مثل الأمس.

أصدقاؤنا ما كانوا خارقي الجمال
وما تكلموا بألسنة من ذهب
عشاقنا ارتبكوا أحياناً
حينما كنا في أشد سعينا إلى الكمال
أو أنهم اختبأوا في الخزائن
حينما السماوات ارتعدت.
الوردة الإنسانية لتلازمنا في كل مكان
عارية، متصدّعة، ومتطلبة لما هو فوق احتمالنا.

ودائماً كان الزمن يندفع بسرعة مثر تُرام
خلل شوارع مدينة غريبة، شوارع شهدناها
تتشرّع إلى ساحات رائعة، مُشمسة
لم نكن لنجدها مجدداً
ولا من خارطة تستطيع تبيانها.
مستحيلاً أن تُقذفَ تلك الشلالات
في ذاك الضوء نفسه،
تلك الأشجار المزخرفة،
تلك التماثيل الخضر والبيض.

إلى شاعرٍ روسي

حُلُم الشتاء

في كل مكان، الثلج يتساقط. قدمكَ المُضمدة
تنسحب خلل حصى هائلة.
أجراس تدقّ في ساحات نائية.
كل ما عارضناه، كانت له الغَلَبة
والآن نحن جميعاً جزء منه.
الحياة هي الشيء الأساسي؛ أسمعكَ تقول،
ولكنّ ضباباً ينتشر ما بين هذه الأرض الشاسعة
وتلك التي صوتكَ رسم لي خارطتها منذ عهد بعيد.
كل ما هو مرئي هو جدران، صفر- رمادية بلا نهاية
حيث مخاطر جمّة ووجهت،
السماوات الممزّقة ببطء تكسو كلاً من قارتيْنا
بالعدل الوحيد المُتبقي،
دافنةً آثار أقدامٍ، أجراساً وأصواتاً
بكل سرعة مدروسة.

أحلم بأني موت أورفيوس

أغذُّ السير خلل أثلامٍ من ضوءٍ وعتمة
مُلقاة تحت رواقٍ مُنقطر.
أنا إمرأة في مُقتبل العمر، بقدرات ما،
وتيك القدرات ملجومة بقسوة
من قبل حكّامٍ، وجوههم نادراً ما أراها.
أنا إمرأة في مُقتبل العمر
قائدةً شاعرها الميّت في رولز- رويس سوداء
عبر طبيعة ريفية من شفقٍ وأشواك،
إمرأة بمَهَمَة ما
إذا ما امتثلتْ لها بحرفيّتها
فلسوف تتركها بسلام.
إمرأة بجسارة نمر،
إمرأة ذات صلات بمن هم بين ملائكة الجحيم،
إمرأة تشعر بتفوّق قدراتها في اللحظة الحاسمة
حينما يتعيّن عليها عدم استخدامها،
إمرأة أقسمتْ على التبصّر،
هي مَنْ ترى من خلال التشويه، الحرائق الداخنة
لهذه الشوارع السريّة.
شاعرُها الميّت يتعلّم السير إلى الخلف
عكس الريح،
على الجانب الخاطئ من المرآة.

منصّة الوثب

مثل الغطّاسين،
نحن بأنفسنا علينا القيام بالوثبة التي
تجعل المنصّة المُحكمة ترتدّ تحت القدم
بارعة مثل حدّ فأسٍ يُشقّ به أصل جذع
ولكن بعدئذ، ما يجعل الجسد ينطلق
نحو قوسه التام والذي لا يقاوم
هو قوة تفوق كل الطاقات الجسدية.
وهكذا، فإنّ فعلاً يستدعي سرعةً
مع خفّة في الحركة وحيوية،
لهو موثوقٌ به أكثر من أي من إراداتنا.

 

عن جهة الشعر
Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail