مختارات من صحراء في المترو / أشرف الزغل

 

ملهى

جدار

 

الأغنيات
الأغنيات
الأغنيات
ماذا أفعل بالأغنيات
في ليلةٍ كهذه
حين اصطَفَّ كلُّ المغنّين معكِ
وتركوا لي قطاً يخدش صُوَركِ على الجدار
ويعضُّ أصابعي كلما فتَّشتُ عن صوتكِ بين مخالبِه

 

بلاستيك

 

الخيولُ على النّهر
أقدامُها من الطين
ووجوهها من البلاستيك
النهر يفرك أقدامَ الخيول
والخيول لا تتحرك
كأنها تُخبّئ مشيتها في الطين
أو في الخمرة
التي أشربها في الملهى البعيد
عن النهر
أو في قدميك
اللتين خرجتا من النهر
وتتنشفان الآن بوجهي البلاستيكي

جاز بطيء

توقَفَ الجملُ عند باب الحانةِ القديمة
وسأَلَ عن ماءٍ ورمل
أعطيناه سطلَ ماءٍ، وكأس تكيلا
وأوصيناه بسُلوكِ طريقِ الحرير
حيث الرملُ لا ينتهي
وحيث النوقُ ذهبٌ خالص

الجمل حيوانٌ مرح
بمعنى ما
يمشي كأنَّه يرقص
ويحرِّكُ أنفَهُ كأنَّه ابتلع للتو حديقةَ كوكايين

الجمل حيوانٌ محترم
بإمكانكَ أن ترى شيئا من اللؤمِ في عينيه
و شيئاً من الألم
لكنَّه في نهاية اليوم حيوانٌ محترم
وأنيق
ويصلح كثيمةٍ لقصيدةٍ مكتوبةٍ في حانةٍ قديمة

سيمانتكس

-1-
جَلَسَت الفكرةُ ذات يوم تنتظر القطار
الجميع أرادَ أن يتحدثَ مع الفكرة
الجميع أراد أن يوصلها إلى مكانٍ ما
الجميع أراد أن يُطعمها
الجميع أراد أن يكسوها
لا أحد سألَ الفكرةَ أين تريد الذهاب
لا أحد سأل الفكرة إذا كانت تفضِّلُ مقعداً معيناً
لا أحد سألها إن كانت تريد أن تتكلم أصلاً

-2-
إذا احترقَ بيتُكَ ذاتَ يوم
لا تقل “الجحيم مرَّ من هنا”
ولا تقل “الشمس كَسَرت نافذتي ودَلَفَت”
ولا تقل “خَرَجَ بيتي من رأس شيطان”
سيفهمك بعضُ الناس
سيعبُدكَ بعضُهم بقليلٍ من الإعادة
لكنك لن تفهمَ نفسَكَ أبداً دون ان تقول
” إحترقَ بيتي”

-3-
الصبر ليس مفتاحاً
والفَرَج ليس باباً
الصبر شجرة
شجرةٌ تنبت في الصحراء
وثمارها لا تشبه المفاتيح
الصبر شجرة
أما الفَرَج
فهو أرجوحةٌ من الشوك
يتسلى بها الجَمَل
قبل أن يأكلها

-4-
ليس سراً
أن الربيعَ هنا لا يشبه الربيعَ هناك
ليس سراً
أن الخريفَ هنا لا يشبه الخريفَ هناك
السرُّ في الدمِ الذي على العشب
الدمُ الذي على العشبِ هنا يسمى خريفاً
والدمُ الذي على العشبِ هناك يسمى ربيعاً

-5-
عندما يقولون “وطن”
يهرول كازيمودو على دَرَج الكنيسةِ الطويل
كازيمودو اللقيط الأحدب
كقلبٍ نياندرتالي

كازيمودو الجميلُ بعين الرب
رفعه الربُ إلى رأسِ سيدتنا Notre Dame
كي يقرعَ الجَرس في أذنِي
“وطن” “وطن” “وطن”
يقرع كازيمودو الجرس ويعود إلى الإستمناء بحذاءِ أزميرالدا

عندما يقولون “وطن”
يهرول كازيمودو إليّ
حاملاً قلبه النياندرتالي
وحذاءَ أزميرالدا ذا البقعِ الصفراء

نوستالجيا

ليالي الأنس

 

تركوا بضاعتَهم في الخنادقِ وانصرفوا
الجنود
الذين حاصروا فيينا
بأكياسٍ من القهوة

آنئذٍ، كانت فيينا لا تعرف القهوة
لم تعرف فيينا آنئذٍ أن مئتي ألف رجل شربوا نخبها على الحدود

لم تعرف فيينا أنها ستشرب ذاتَ القهوةِ في يومٍ من الأيام
من ذاتِ الجنود
ذاتَ القهوةِ التي تخبئُ تحتَ قشطتها البيضاء
نهراً قديماً من أملٍ أسود

 

خريف

أيتها المشتهاةُ في الخريف
ما الذي وضعَ أغصانَكِ على طاولتي الآن
أهي النوستالجيا؟
تلك الدودةُ في القلب
وهل قلبي حبةُ التين الأخيرةِ
في بلادِ البياضِ السعيد؟

أيتها المشتهاةُ في الخريف
أيتها الحمراءُ، الصفراءُ، الخضراء
أهي النوستالجيا؟
التي تعطيكِ هذا الطيف
أهي ذاتُها التي تُعطيني ذاتَ الألوان
كي أبدو كمهرجٍ في مسرحٍ فارغ؟

 

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail