حذاء فان غوخ وأصل العمل الفني

هل كان فينسنت فان غوخ يعلم انه حين اشترى زوجا من الأحذية لرسمه وربما لارتدائه أن ذات الحذاء سيكون موضوعا فلسفيا لتعريف العمل الفني، جوهره وجمالياته؟

 

في كتابه “أصل العمل الفني” يستخدم مارتن هايدغر مثال لوحة فينسنت فان غوخ “زوج من الأحذية” في تحليل جوهر العمل الفني وكيف يتم تعريف الجمال. يسهب هايدغر في كتابه الذي تناول أيضا قصائد للشاعر الألماني هولدرلين في دراسة ماهية الجمال وما يجعل عملا ما يخرج من إطار الشيء كأداة إلى الإعلان عن ذاته كعمل فني وبالتالي الخلود كجوهر جمالي.

فيما يلي فقرة من الكتاب كتبها هايدغر بعد مشاهدته للوحة فان غوخ في إحدى صالات العرض الفنية في أمستردام عام 1930. الوصف عميق كنص هايدغر الفلسفي ولا يخلو من نفس شعري حالم. لذلك وبسبب كثافة النص، نورد النص هنا بشكل نص شعري

 

من خلال الفتحة المظلمة للحذاء البالي تبدأ خطى العامل المتعبة.

من الثقل الوعر لزوج الأحذية هناك تراكم في الجرأة؛

جرأة المشي الثقيل في حقل واسع كنسته ريح صريحة.

على جلد الحذاء تقبع رطوبة التراب ووفرته. تحت النعلين تنزلق وحدة الطريق بينما المساء يتقدم.

في الحذاء يهتز النداء الصامت للأرض وهديتها الهادئة في نضج حبة القمح

ورفضها غير المفهوم لذاتها وسط الخراب الساكن في الحقل الشتوي.

يتخلل هذه الأداة قلق غير متذمر من الثقة بالخبز،

ويتخللها مرح بلا كلمات من تجربة الثبات امام الإرادة

والارتعاد امام سرير طفولة قريب اللحظة وأمام وعيد الموت.

هذه الأداة تنتمي للأرض،

وهي محفوظة في عالم الفلاحة (صاحبة الحذاء).

من خلال هذا الانتماء المصون تنهض الأداة “للبقاء في ذاتها”

 

 

 

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail