سأكتب ذات يوم عن التفاؤل / جمال القواسمي

-jacek-yerka jamal qawasmi

كرة القدم

شهيتي تتفتح براعمها
بمباراة كرة القدم
اللاعبون يرتدون أزياءاً موحَّدة جميلة
يركضون، يركلون الكرة، يبصقون
لا يتعاركون
لا يتشاتمون
لا يتذمرون
بل يبصقون ملء افواههم
يبصقون ملء خسارتهم
يبصقون ملء شماتتهم بالخصم
كلهم كلاب يسبحون في ملعب من بلغم
معهم تتزلج كرتهم
أما الحارسان المسكينان
فعليهما أن يُمسكا بالكرة
يبصقان على قفازاتيهما
ويمسكان بالكرة
ويسجلان نقاط الخسارة على كتفي الملعب

الحياة رهان على كرة تتدحرج في بصاق أخضر
الجميع ينتظرون النتيجة
حيث تنتهي المباراة
حيث تبدأ لعبة الحياة

 

صورة

أنا صوتي أكله الخرس
أنا صمتي لاكته الضجة
أنا دويّ دمعة
كلها بحر أبيض من القطن

أنا خشبة زيتون
تاريخها عبق عتيق من الزيت
لكن ليس لها إلا أكليل من لهب

أعيروني في مماتي
احساساً واحداً بالضحك
15 تموز 2015

توابل

راق لي
أن انقع نفسي بماء مالح
راق لي
ان اظن
انني اترنَّخ بحبوب الاسبرين
راق لي
أن أميِّع نفسي وحياتي ودمي
راق لي
أن أتخيَّل
ثمة كائناً يحب ان يأكلنا
اننا
لسنا إلا شقفة لحم على كانون الحياة.
يبدو انني نضجت.
10/2/2014

نافذتي

هذه نافذتي
افتحوها
هذه رؤيا مهولة
افتحوها
واتركوا المردة والغيلان
تغادر بئرها

أريد أن أنشل الماء الزلال
بدلو من الكاوتشوك
أشرب بعضه
وتحمِّمني الشمس
ببقيته

افتحوا النافذة
دعوا الشمس هي الأخرى
تشرب جسدي وعرقي
وتدوخ من رائحتي

لا تغلقوها
هذه نافذتي التي بناها الحب
وحرقتها الشهوة
عنباً وتيناً، زبيباً وقطيناً
ومرجة صغيرة من زغب الحمام
وقد أخشوشن

 

عابرون

المطبخ الذي أحببناه،
الصالون الذي اعجبنا،
السجاد العجمي الذي عجمنا
الملابس، الأحذية، الزينة
التي قسنا بعضها لأن البائع سمح لنا بذلك
كل ما أحببناه،
تركناه على الرصيف
تركناه في واجهات المحلات
تركناه في الڤاترينات
وبين الفينة والأخرى
نزوره
عابري سبيل
17/6/2015

عُقدة

لا أعاني من عُقدة الخلود
كرِّروا من ورائي:
شرق غرب جمال شنوب
شرق غرب جمال شنوب
شرق غرب جمال شنوب
كرِّروا
كرِّروا ورائي

 

التفاؤل

سأكتب ذات يوم عن التفاؤل
الذي قتل اليأسَ
وبات وحيداً عن قرينه
سأجعله يبكيه ويناجيه:
أيها اليأس، لماذا تركتني أقتلك!؟
من الذي سيدفنني بعدك!؟
من الذي سيأخذ ببشاشة شهادتي؟
من الذي سيمنحني لغته الساخرة ونكاته السافلة؟
من سيحارب معي جيوش الملل؟
كيف أحييكَ وأنا لستُ إلهاً ولا فناناً؟
كيف بوسعي الانتحار وأنا ناسخ جين الحياة؟
سأكتب ذات يوم عن التفاؤل
الذي قتل اليأسَ
وبات وحيداً عن قرينه
فاشلاً بالبكاء
فاشلاً في الموت
15-12-2014

الصبر

لا أحد يقرب مني إلا
الطامعون المتهوِّرون من الأطفال
أو من يبحثون عن طفولتهم
من الضائعين الكبار

لا أحد يشمُّ لي رائحة
لا أحد يعانقني
لا أحد يحبني إلا
سجينةً مخصيةً في قوار

أنا شجرة الصبر
أموت انتظاراً
وأحيا نهباً
لاشتهاء العابرين
15/8/2014

سأمشط…

سأمشط قلبي
حجراً حجراً
لأرتق تركة والدي قي قواري النحيل

سأمشط ماضيَّ
قدراً قدراً
لأدفن العجز وألوي يد المستحيل

سأمشط عينيَّ
قطرة قطرة
لأهدم جدار الوعي
وأتبع في قلبي الدليل

سأمشط حزني ومرضي وعصبيتي
شرشاً شرشاً
وأحطبها لندم وشيك
7-12-2013

سأمرُّ من هنا

سأمرُّ من هنا
وأنسى اسمي
تذكروا وجهي
وأسناني الفُرق
لا تنثروني بالرز
العصافير سيصيبها الانتفاخ
لا تنثروني بالملح
عيون الأصدقاء ملَّت الدموع
أنثروني بالرمل المضغوط
لعلَّ ابتسامتي
تطفو على وجهي ثانيةً
وتلمع مرة أخيرةً
عساني أمرُّ ثانيةً من هنا
من أمامكم
وأراكم
وأتذكر اسمي
يا أجمل خيباتي
8/3/2014

غول

هذه الحياة غول بعين واحدة
والغول اسمه نهار
هذه الحياة وحش بعيون كثيرة
والوحش اسمه ليل

وأنا ثلثي بياض
وثلث سواد
وثلث غبار النجوم والجمال وقصص الطفولة

طوق

كلَّما ذهبتُ للنوم، أنظر إلى الساعة
كلَّما استيقظتُ من النوم، أنظر في الساعة
ثمة طوق حول رقبتي
لستُ عبداً لأحد
الزمن أبي
والجسد عجينة أمي
وأنا روحي التي أنحتها بدمي كلَّ يوم
أريد أن أنام فيقصر خيط الطوق
أنهض فيطول الخيط،
يتجدَّل ويتعقَّد ويغدو حبل غسيل لجسدي
هذا الخيط
زمني
يطول حيناً
يقصر حيناً
ثمة
طوق
حول
رقبتي
30-8-2013

فرد

لستُ متخماً بالأنا
حين أمشي وحدي
لستُ موشىً بالعظمة
حين أبتعد عن طريق الناس
لستُ مغروراً
إنْ قلتُ انني قطار
حاد عن سكّتي الحقِّ
أو أنني السلطعون الوحيد
الذي لا يمشي عرضياً
ليس عليكم أن تقلقوا
إنْ قلتم انني أحول

29/10/2013

سنَّ حليبي

في حضرة المعنى
أنا مجرد لفظ سقط سهواً
قال له المعنى: “أعرف من أين تؤكل الكتف!”

في حضرة المعنى
أنا كنتُ الكتف

 

أعُدُّ

اني أعدُّ لأنسى
وأكتب لأمحو
في القدس
نسيتُ أسمي في الزحام
يا أمي
أبحث في الوجوه عنك
وأعدُّ لأنسى
وأكتب لأمحو

بَقَّة

أظافري قصصتها،
وكذلك أصابعي،
طمرتها في الأرض،
أسناني
طاحونة العقل
العقل ذاته
خلعتها من الشروش جميعاً
عضلاتي أهديتها خُزعات
لمراكز الأبحاث الجينية
وقدماي قطعتهما
لأُحافظ على قداسة القدس من وساختي
هذه الحياة شربت دمائي
عاشرتها نيفاً من قرن وأكثر
أحببتُها
كرهتها
مخالبي وأسناني ونيرتي
ملطخة بدمي ودمها
هذه الحياة
شربت دمائي
كأية بقَّة
سكبت ظلالي
خيالي ومشاعري
في كتاب السراب
ذات يوم ستبتلع سمقتي
وتقيم متحفاً في التراب
وترفع رايتها الحمراء
19/3/2012

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail