صلصة الطماطم / بروين شاكر 

Parveen-Shakir laghooفي بلادنا،
المرأة التي تكتب الشعر،
يُنظر إليها على أنها سمكة غريبة.
كل رجل يَفترض
هو الموضوع الذي تتحدث عنه
في قصائدها!
ولأن الأمر ليس كذلك،
فانه يمسي عدوًا لها.
وبهذا المعنى،
فإن سارة لم تجلب لنفسها الكثير من الأعداء.
لم تكن تؤمن بتقديم التبريرات،
قبل أن تغدو زوجة كاتبٍ فقير،
كانت قد أصبحت بالفعل
سِلْفةً لأهل البلدة جميعًا.
حتى أدناهم منزلةً
زعموا أنهم عاشروها!
وطوال النهار،
كان المثقفون العاطلون عن العمل في المدينة
يتجمهرون حولها.
حتى أولئك الذين لديهم وظائف،
كانوا يتركون ملفاتهم النتنة وزوجاتهم المرهقات
ليأتوا إليها،
تاركين وراءهم فاتورة الكهرباء،
ورسوم أطفالهم المدرسية وأدوية زوجاتهم.
فهذه هي هموم
البشر الفانين الأصغر شأنًا.
من الصباح إلى ساعة متأخرة من الليل،
تدور مناقشاتٌ ساخنة
حول الأدب والفلسفة وما يجري في الساحة.
وعندما يطرق الجوع في بطونهم الخاوية،
يشترون الخبز والبقوليات المسلوقة
بشكل جماعي.
كبار المفكرين
كانوا عندئذ يطلبون بالشاي
مُعْلنينها أمريتا برتام الباكستان. 1
سارة الساذجة
كانت راضية عن نفسها كل الرضا.
ربما كانت ثمة أسباب وراء ذلك.
فالمسؤولون عن مساندتها،
ما برحوا يغذّونها بقهوة كافكا
وبسكويت نيرودا.
وبسبب المجاملات الغارقة في اللعاب،
تسنّى لها أن تحصل على وجبةٍ واحدةٍ على الأقل،
كل يوم!
ولكن إلى متى؟
كان عليها أن تتخلص
من براثن الذئاب.
فضّلت سارة أن تترك الغابة نفسها.
وطيلة حياتها،
ظل المتمرسون في الفنون
يُرضعونها.
في دائرتهم
ولا تزال تُعتبر لذيذة،
لكن مع فارق واحد
هو أنّه لم يعد من الممكن أخذ قَضمةٍ منها!
بعد وفاتها
تمّت ترقيتُها
إلى مقام صلصة الطماطم!

 

هوامش:
1. أمريتا برتام (1919 – 2005) شاعرة وكاتبة هندية كانت تكتب باللغتين البنجابية والهندية. وتعتبر أبرز شاعرة بنجابية في القرن العشرين.

ترجمة  وتقديم نزار سرطاوي

 

تحتل الشاعرة الباكستانية بروين شاكر مكانة بارزة في الشعر الباكستاني الحديث، ويعتبرها الكثير من النقاد أهم شاعرات اللغة الأوردية على مر العصور.  كما تعتبر واحدة من أبرز رائدات الحركة النسائية الباكستانية والمدافعات عن حقوق المرأة.

نحت بروين في شعرها منحيين: الأول تمثل في الغزل والثاني في الشعر الحرّ. تركزت الأغلب حول الحب والنسوية والقضايا الاجتماعية. وقد اعتمد شعرها على الرومانسية في طرح المسائل المتعلقة بالحب والجمال وما يكتنفهما من صراعات، ولجأت إلى استخدام الاستعارة والتشبيه والتجسيد أو الأنسنة. ويذكر النقاد أنها أول شاعرة في اللغة الأوردية تستخدم كلمة “فتاة” في أشعارها. حيث أن تركيب الجميلة في الأوردية نادرًا ما يحتوي على هذه الكلمة في الحديث عن المحب أو المحبوب، فيميل الكُتّاب إلى المذكر. كذلك استخدمت بروين الصيغة الأنثوية لضمير المتكلم، التي لم تكن استعمالها شائعًا في الشعر، رغم أن استعمالها في النثر كان أمرًا عاديًا.

ولدت بروين في 24 تشرين الثاني / نوفمبر 1952. بدأت الكتابة في سن مبكرة، فكتبت الشعر والنثر، وكانت لها مساهمات في أعمدة بعض الصحف تحت اسم مستعار هو “بينا.” وقد حصلت على شهادة ماجستير في الأدب الإنجليزي وأخرى في اللغويات وثالثة في إدارة البنوك، كما حصلت على شهادة الدكتوراه.

عملت في حقل التدريس لتسعة أعوام، ثم التحقت بالخدمة المدنية مع الحكومة الباكستانية حيث عملت في دائرة الجمارك. وفي عام 1986 تم تعيينها بمنصب السكرتير الثاني للمجلس المركزي للإيرادات، التابع لوزارة المالية.

 بدأت بروين تكتب الشعر والنثر في سن مبكرة. وصدرت مجموعتها الشعرية الأولى العبق عام 1976. وقد نالت المجموعة إعجاب القراء. بعد ذلك صدرت لها أربعة مجموعات: آذريون المستنقعات (1980)، مناجاة (1990)،  إنكار (1990)، حافة المرآة. كما صدر لها كتاب يضم مقالاتها الصحفية بعنوان “زاوية الرؤية.” كذلك صدرت أعمالها الشعرية في مجلد بعنوان “البدر” (1994). وقد حظيت أعمالها بتقدير كبير. إذ فازت مجموعتها الشعرية الأولى بجائزة آدمجي.  ولاحقًا مُنحتْ جائزة “مفحرة الاداء،” التي تعتبر واحدة من أرفع الجوائز في باكستان.

تزوجت شاكر من طبيب باكستاني يدعى نصير علي، ورزقا بطفل واحد. لكن زواجهما لم يدم طويلًا وانتهى بالطلاق.

في 25 كانون الأول / ديسمبر 1994، اصطدمت سيارة بروين بحافلة ركاب في طريقها إلى العمل. وأدى ذلك الحادث المروع إلى وفاتها. وقد سمي الشارع الذي حصل فيه الحادث باسمها. وإثر وفاتها أنشأت صديقتها بروين قادر أغا مؤسسة ائتمانية تحمل اسم بروين شاكر، وتقوم هذه المؤسسة بتنظيم احتفال سنوي تُقدم خلاله جائزة مخصصة للشعر تخليدا لذكرها. وفي عام 2013 أصدر البريد الباكستاني طابعًا تذكاريًا بمناسبة ذكرى وفاتها.

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail