سيرة الجيران / وفائي ليلا

(إلى دمشق)

لم تكن لنا أسطح مائلة تماماً

كما يجب … لقديم دمشق

صواني المشمش تتقد جمراً في ذاكرة الغياب

لم تجففها أمي ….هناك

والغسيل الذي جمعته جدتي

من ( الفرنكة ) التي تطل

على أرض الديار … ظل رطباً

 

….دفعت باب الذاكرة بقوة

وسحبت بطرف أصابعي

سحابي إلى الأسفل

و………

؛

أخذوني هناك خلف الأبواب

الغرف التي تتوارى في سر غموضها

قطعوا خيط سرتي جيداً

ملحوني

ووضعوا ….مركبي في نهر العمر

لم تلتقطني امرأة العزيز

ولم يكن أبي ملكاً

هكذا كصدفة جيدة

اكتشفت نفسي

بصورة مبالغة قليلاً

ولم يكن أي شيء آخر يُذكر

سوى نهاية مؤلمة

خلّفت تجويفاً هائلاً

كحشوة أسنان

لم يُعتنى جيداً

بلصقها الأبدي

؛

جيراننا في القبو

الذين أنجبوا

عاطلين كثراً عن العمل

وحشاشاً واحداً

باغتنا بأخلاق عالية الرهافة

و ( صباح ) التي تتصل يومياً

بأختها  كوكب

من هاتفنا المعطل ……

غافلناها كي نسخر  صوتها الصادح

إيمان  التي تشبه قرنفلة بياض لم تصحُ بعد

والتي زُوجت قبل بلوغها

لمحام ٍ يعرف الله والقانون جيداً

،

جيراننا في الأعلى

روم …

ابنتهم صديقتي

تضع صليباً كبيراً لطالما

دُهشت

كيف يكون مقدساً

بين ثديين

يجهد خط الشهوة

حفر برونز حضوره

بقوة

المدمن الصغير كأخ .. لا يفتأ

مراودة جميع من يعترض طريق شبقه

عملت الأم طويلاً

على داكن حمرتها

تقلّب عيوبنا بأظافرها المدببة

التي تقرف الاقتراب

لمس لحمنا المرتعش كاتساخ

،

وكانت فوقنا مباشرة

سيدة عارمة

تزوجت رجالاً أربعة

غادرها أولهم منتحراً

وثانيهم فاراً

من خدمة العلم

أنجبت من كل أحد

أطفالاً كرهائن

وانتهت أخيراً

بأن قضمت مراهقي الحارة جميعاً

وحقن مؤخرتها الهائلة

بمورفين

تحتال كل مرة على متبرع ما

كي يمنحها ثمن جرعة جديدة

لاحتمال يوم ٍ آخر …

وكان ( سعيد ) كزوج رجلاً أشقر

قوياً و فتياً ومشدوداً

اختفى ذات يوم

من شرفة حياتنا

لنعرف بعد سنين طوال

أنه غادر إلى شمال بعيد

وقضى

تاركاً طفلين لزوجة خائنة

ضبطها ذات سرير

مع ولد

لم نعد نذكر

من هو أينا ….؟

،

غادروا جميعاً

رف الذاكرة المضاءة

البيوت التي تومض

بدفء الفضائح

أم طلال ……التي عهرّها الجميع

بعد موت مباغت

لزوجها الدمث

وتشكيل كتيبة اعدام عاتية التجسس

لترقب خيط ريبة

يلوح خلسة

من ثوب التياثنا المشبوب

بالرذيلة ونية السوء

 

( أم انطون )

افترسها سرطان آخر

كانت تحاربه سنين عشر

اقتصها حتى آخر الوجع

المحجبات في الطابق الرابع

يواعدن الشباب في الجهة المقابلة

ويُجدن

خيانةً

رضّت غشاء بكارة العصمة

في شاش بياضي

أبو النور  الذي فجر قنبلة عجزه

بعد

سنوات طوال

من مجون عابث

انتهى كبركان خامد

بلا خبث ٍ أخير

جمال ) الذي أكلته ألته المفضلة

أمام عماله اليتامى

شبابه الذي ولولت أمه خلفه

ألف عام

( جوزفين )

التي نبتت

في الطابق الأخير

كزنبقة سوداء

يتزاحم جميع الصبية

على أرصفة اللهاث

لينالوا قلامة قهقهاتها

العالية

ومؤخرتها

التي

سحقت الجميع

تحت مدبب ترفع

تأرجحها الدقيق

ولاء  التي اختفت خلف الأدوار

و ( نانو ) التي لم تترك عسكري

يمر في المنطقة إلا ….

وفضت بكارته بعد لقاء أول

سناء

الآتية من جنوب غاضب

خرجت عن طور مورثات ضارية

لتذبحها سيدة رائعة الأمومة

في سرير الغيلة…

كي يهدأ رجالٌ برؤوس حليقة تماماً

وشراويل سود

تخفق في فراغها

خصيان احتقان

طائفي الصديد

أمجد  المتسمر في مواقف الباصات

يحمل رزم نقود ضخمة

يراود العابرات

كي لحظة لهاث …..لا تحدث

رنا  التي دلت بثدييها العارمين

من تحت افريز نوافذ النوم

كي تلفت عابر رصيف

يقظ

ناهد ( الجدبة ) التي تتأتئ

ولن تتزوج أبداً

بسبس) …. تصبغ شعرها كل صباح

بلون جديد

وتتجرع عقاقير عدة

ليبقى خصرها

يوازي عارضات الأزياء

لتلتقط زوجاً تأخر قطاره

إلى آخر العنوسة

راما ) التي تكشط جلد الدجاج المحمر بقرف

و تزوجت سائق الـبابا الوسيم

طلقت منه أخيراُ

مغادرةً الحارة

بعد فضيحة أب لص

وزوج شريك

وأصل ٍ قروي لم نلحظ أسنانه الذهب

ابن الجيران الوقور

الذي كان يزور قبونا المعتم

بجلباب إيمانه المُضيء

حيث يقضي ليلاً كاملاً

في غرفة جانبية

يراود أفلام sex الألف المختبئة بعناية

في أدراج محكمة الإرتاج

ويقضي النهار بطوله

يحاضر

بدين لا يقبل النجاسة

أبو صالح ) السكير

باسطوانات أم كلثوم المستوردة

من حلب خصيصاً

وسيارته ( الفوكس فايكن ) المضحكة

رائحة العرق ولهجته الحلبية

الثقيلة المجون

غادروا جميعاً

بقيت بنايتنا العتيقة

بنوافذها المتعبة

وتقشّر جدرانها الزمني

البيوت استبدلت سكانها

والأطفال الجُدد صاروا غرباء

أمر تحت ظلها القديم

ظلها الهائل

وأرفع رأسي نحو سماء…الفراغ

بدمعة هائلة

و عاتبة

على إله

يجيد دُمَاه

ولا يتقن المسلسلات

الطويلة

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail