هذيان وأنهار زرق طليقة / رشا عمران

ليس من اسم لهذا المكان

لا ملامح واضحة

ولا أثر لملمس أو خطوات

الفراغ فقط بقبضته الماردة

يشدني إليه

ويجلسني في المنتصف تماماً

كما يجلس حجر واضح في الغبار !

 

هكذا كان

على كتفيه ظلمة برية

ومن صوته كانت تتدحرج مدن بلا ضجيج

بينما يتقاذف بين أصابعه ما يشبه العزلة

وبلا أي سبب

يحدق بي

كمن ينتظر إشارة غامضة

وحين أشرت

لملم تفاصيله وتكاثر في نفسه

وأحاطني .

 

لم أع ما حدث لي

جسدي امتد كصفير قطار عاجل

من رأسي خرجت غيوم تلمع مثل فقاعات الضوء

وعلى جلدي توالدت دوائر آلاف النساء

لم أع جيداً ما حدث لي

كنت أهذي بكلمات تستيقظ عاماً وراء عام

ثم أهجس بحداء ناي عتيق

وهو يحدق بي

تاركاً لأصابعه الكثيرة أن تقشر المدن المتدحرجة من صوته

وتضعها في فمي ! !

ثمة ما أغراني بفقدان التوازن

آنذاك

حينما لامسني ارتعاشه

لم أكن غير ظل يفتح ألغازه الزرقاء

ويبعثرها كأنهار طليقة . . .

ثمة على كتفيه ما أغواني

أدغال متروكة من ليل قديم

طيور ترتجل ندرتها

برار شاسعة ببقايا أصداء هشة

ثمة غيم وبروق وأضاليل رياح زاحفة

كان على وعولي أن تقفز هناك

بعيون عاتمة أو بعيون تنزلق منها نهارات عتيقة

لا فرق أبداً

ثمة دعوة دائمة لاختبار تلك الغرابة

أو للتحالف مع الذهول وهو يؤرجح القلب كموسيقى راقصة ! ! !

غير أنني وأنا المنحازة إلى نفسي

أخفيت ملامحي وانحنيت لألتقط بقايا أصابعه عن جلدي

كان ظلام كحلي وكنت أدخل براهينه

وأخرج لأدخل ثانية

ثم أخرج ويدخلني

ثم يخرج وأدخله

ثم بلا أي مقاومة

تركت بقايا أصابعه على جلدي

مستسلمة لاحتمالات غبطة مؤجلة

بينما ملامحي بدأت تمتد

وتمتد

وتمتد

ثم ترتفع كأشجار مباغتة .

 

من مجموعة “معطف أحمر فارغ” 
Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail