أمشي في شارع خال إلا مني و مني / زوليخا موساوي الأخضري

حصاة الطريق تحدث هسيسا خلف ظهري وأنا أمشي في شارع خال إلا مني و مني. أشعر بلهاثها الحارق. أتحسس رقبتي. ألتفت. لا أرى أحدا في مرايا الطريق.
أسمع أصواتا و صراخا و نهيقا و زغاريد.
أين تقودني خطاي؟ إلى أين أنا ذاهبة في مملكة لا أحلام فيها.
أنت مستيقظة قال لي الصوت الخشن.
لم أتبين ملامحه. لم يكن الوقت ليلا. لكن الشمس لم تكن في الميعاد.
هل أستمر في المشي؟ سمعتني أسأل الصوت الخشن .
لم يسمعني؟ أم كنت أكلم نفسي؟
مشيت ثانية.. أم ألفا مشيت؟
رغم الحواجز التي أقفز فوقها برجلي المكسورة و رغم السدود العالية الهادرة في وجهي و رغم الشوك الذي يملأ أجفاني.
مشيت.. و مشيت.. و لم يتعبني المشي.
اللعين! هذا السواد الكالح.. يتلوى بين خطاي كثعبان مارد متحفزا لكل شيء. يحوّلني فقاعات تطير في الهواء الثقيل الممتد في متاهات المشهد.أنكمش.. أشيح عنه بوجهي. يلفحني أزيزه الطائش.. هل يضطرني أن أغيّر جلدي؟ أم كالسلحفاة أحتمي مني فيّ. غريبة عنه. غريبة عن خطاي.أتفقد عزلتي. أبحث عن شتات البياض في غبار الممشى. أشباح.. خيالات تجتاحني تطوقني. تنشب مخالبها فيما بقي من ظلي.
ماذا تزرعين يا ابنتي في مهب الريح؟ كيف تحاولين القبض على الجذري.. على القبح في دمك و الأشلاء تمارس طقوسها في الآفاق؟ ألم تدركي بعد أن القبعات تجرّب عربدتها حول الفتيل الخافت للشمعة الوحيدة في المنار المهجور؟ و الطواحين؟ آه منها تقيم في الفراغ الصامت المحدق في المسافة و حفر الطريق!!!
ثم الضجيج.. هذا الكوني الذي يصيب الأيام بالفتور! يسكن تدريجيا في دمنا. يملي شروطه في تكثيف العلاقة بين الأنا و الآخر. يفتح هشاشتنا على الصور الخليعة و الجثث المكدسة في الشاشات.
متى نتحرر من فتنته؟
……………….
لماذا تقهقه؟
……………..
كيف يمكن أن تكون لي قدرا و أكون غطاءك أو أكون قدرا و تكون غطائي؟
هل هذه نظرية فلسفية؟
لا فقط تشبيه لما كان عليه إبداع غاتاري و دولوز. ألم تعرف أنهما كانا يكملان بعضهما؟
’’ هو البرق في ليلة عاصفة و أنا الواقية التي تمتص الصاعقة كي تختزنها في باطن الأرض’’ قال دولوز محاولا تقريب الصورة عن علاقة فلسفته بتفكير غاتاري.
……………….
لماذا لا تسمعني؟
لن أترك أخيلتك الماجنة تفسد سلطتي.

 

 

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail