الموت و فواكه الشجرة / بن لوري

 

 

بن لوري * ترجمة : ادريس خالي

كان رجل يسير على طريق طويل، طريق طويل عندما أبصر وجها قادما من مكان ما. كان الرجل يواصل السير، متسائلا عمن يكون، حينما اكتشف فجأة أنه الموت.
اللعنة، قال الرجل.
استدار و فحص المكان. كانت هناك شجرة- شجرة بأوراق كثيرة. جرى الرجل نحوها و تسلق الأغصان و اختبأ بين الثمار، محدقا إلى الخارج.
بعد لحظة أبصر الموتَ آت عبر الطريق. وقف جامدا محاولا أن لا يتنفس.
وَاصِلِ السير، فَكرَ. واصل السير ! واصل السير!
و لكن الموت لم يذعن.
توقف الموتُ.
أحس الرجل بانقباض قلبه عندما استدار الموت نحو الشجرة. شعر بالدم يتجمد في عروقه حين نظر الموت إلى الأعلى. بطريقة ما يعرف أن الموت سيراه هناك ، في مخبئه، على الرغم من كل الأوراق.
كيف؟ فكر الرجل. كيف- إذا لم يرني – كيف سيعرف أنني هنا؟
ثم اكتشف الرجل، و قد تملكه الخوف، أن يديه كانتا ترتعشان و بارتعاشهما كانت الشجرة تهتز.
آه. الهي، فكر الرجل. علي أن أوقفهما. أمسك الأغصان بشدة، و لكن بقدر ما كان يحاول إيقاف اهتزازها بقدر ما كانت الأغصان تهتز و تهتز.
و بدأ الرجل في فقدان الأمل.
و في الطريق، ابتسم الموت.

آنذاك بالضبط حدث الشيء الأسوأ احتمالا. انفصلت ثمرة عن الشجرة . ارتعادٌ الرجل أرخاها و أرخاها و الآن تحررت و سقطت.
و أبصر الموت سقوط الثمرة. واقترب الموت منها إلى أن وقف بالقرب من أسفل الشجرة و أدار رأسه و نظر إلى الأعلى، إلى الأغصان و الأوراق إلى أن أبصر الرجلَ و رآه الرجلُ.
و ابتسم الموت، وصل إلى أسفل الشجرة و التقط الثمرة الساقطة و فتح فمه و قضم قضمة.
نعم، قال الموت، بذلك الصوت الذي للموت. أقول دائما أن الثمرات غير الناضجة هي الأفضل.
تملك الخوف الرجل. كان يعرف أن النهاية قد اقتربت.
عندما يٌنهي الموت الثمرة سيكون هو التالي.
فكرْ ! فكرَ الرجلُ. فكرْ ! فكرْ ! فكرْ !
ولكنه لم يستطع التفكير في أبسط شيء يفعله.
و من مكان ما على الجانب الآخر للخوف، خطرت للرجل بشكل مفاجئ فكرة.
يمكن لها أن تنفع، يمكن لها أن تنفع حقا، ظن الرجل.
وعن عمد بدأ في هز الشجرة.

في البداية لم يكن لمجهود الرجل تأثير غير انه لم يتخل عن الهز. هز الشجرة بكل القوة التي لديه. هزها بكل شيء، بكل كيانه.
و انفصلت الثمرات الصغيرة عن الشجرة و تساقطت بقوة على الموت.
اللعنة عليك أيها الموت ! مت. مت مت. صرخ الرجل بينما الثمرات ترتطم برأس الموت ووجهه و عنقه. ثم – في انقصاف خاطف- تتحرر باقي الثمرات.
و تساقط كانهيار الثلج و تدفن الموت تحتها.

في البداية و في أعقاب ذلك،كان هناك فقط صمت. آنذاك ، في الصمت، نظر الرجل إلى الوراء. و فجأة اكتشف انه خلال سقوط الثمرات اكتفى الموت بالضحك. ضحِكَ و ضحِكَ.
بقي الرجل على الشجرة لمدة من الوقت إلى أن تأكد انه في مأمن. ثم عندما نزل ببطء شديد، ببطء شديد ، وقف للنظر في الكم الهائل للثمار.
بقدم واحدة لمسها الرجل بهدوء. و تدحرجت كل الثمار جانبا.
هناك، تحت الثمار، لم يكن الموت موجودا.
لاشيء. لا احد. و لا شيئا واحدا.
طيب، حسن، قال الرجل. أظن أن هذا قد قضى على ذلك.
و استدار الرجل و سار عبر الطريق مرة أخرى.

بعد ذلك بوقت ليس بقصير وصل الرجل إلى تل. و عندما بلغ القمة، نظر إلى الأسفل. هناك في الوادي الذي في الأسفل رأى وجها آتيا نحوه.
رجلٌ، فكرَ الرجلُ، مجرد رجل صغير .
و في تلك اللحظة بالضبط ،نظر الرجل الصغير إلى الأعلى. رأى الرجلَ ينظر إليه و تجمد. استدار و فحص ،مرعوبا، المكان- كل المكان، و أبصر شجرة قريبة و جرى نحوها.
و ابتسم الرجل الذي على قمة التل، و شاهد الرجلَ الصغير و قد شرع في تسلق الشجرة.
أتعتقد أنه بإمكانك الاختباء؟ قال الرجل. الاختباء مني؟
و سار في الوادي ليرى.

 

* النص مأخوذ من : Stories for Nighttime and Some for the Day الصادر سنة 2011. ص: 63- 66
Ben Loory قاص أمريكي من مواليد سبعينيات القرن الماضي. يعيش في لوس أنجلس. يعتبر واحدا من بين كتاب القصة الجدد المتميزين. نُشرت قصته TV في مجلة النيويوركر الشهيرة. صنف موقع مجلة The Nervous Breakdown الالكتروني كتابه Stories for Nighttime And Some for The Day الصادر عن دار النشر Penguin العريقة كأفضل كتاب لسنة 2011.
Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail