كير الحداد / شيموس هيني

شيموس هيني (1939 – 2013)

كير الحداد

ما أعرفه باب واحد يفضي إلى الظلام.

وفي الخارج توجد محاور عجلات ودواليب عتيقة وطارات حديد تصدأ،

وفي الداخل حلقة سندان مطروقة قصيرة الانحدار،

ثم مروحة الشرر غير المتوقعة

أو الهسيس الصادر عن حذوة حصان جديدة تصير صلبة في الماء.

ينبغي أن يكون السندان في مكان ما في الوسط،

مدبباً مثل قرن وحيد القرن، في مربع ما هناك،

ثابتاً لا يتحرك: مذبحاً

يضحّي بنفسه شكلاً وموسيقى.

أحياناً كان يميل مستنداً، بمريلته الجلدية والشعرات في أنفه، إلى حافة الباب

مستعيداً أصوات قرقعة حوافر الأحصنة إذ تلمع صفوف الإشارات الضوئية،

ثم يصر بأسنانه ويهرع إلى الداخل، صافقاً وراءه الباب

ليطرق الحديد الحقيقي وينفخ في الكير.

 

التابع

بمحراث يجره حصان حرث أبي الأرض،

كتفاه تكورتا مثل شراع مشدود

بين مقبضي المحراث وثلم الحقل.

والحصانان جاهدا مستجيبين للسانه الذي يطقطق.

بمهارته وخبرته كان يثبت الذراع الجانبية

ويثبت شفرة المحراث الفولاذية المدببة اللامعة.

كان المرج يمتد دون انقطاع على مرمى البصر.

وفي المساحة غير المحروثة من الحقل كان الفريق

الذي يتصبب عرقاً يروح ويجيء قاطعاً الأرض

بعزم وقوة. عينه كانت تضيق وتستدير،

وتحسب مساحة ثلم الحقل بدقة لافتة.

كنت أتعثر فوق آثار نعليه على أرض الحقل،

وأسقط أحياناً فوق أرض المرج المحروثة،

كان أحياناً يردفني خلفه

منحنياً إلى الأمام ومعتدلاً بقامته في مشيته المتهادية.

كنت أتحرق شوقاً لكي أكبر وأتمكن من حراثة الحقل،

أن أغلق عيناً واحدة وأشد ذراعي.

لكن كل ما فعلته هو أنني تبعته

متوارياً في ظله الكبير وهو يعبر المزرعة.

كنت شيئاً مزعجاً، يتعثر، ويقع،

يلغو ويثرثر في العادة. أما الآن

فإن أبي هو الذي يتعثر خلفي،

لكنه لن ينجح في اللحاق بي.

 

ثعلبة الماء

حينَ غطستِ
ارتعشَ ضوءُ توسكاني
واهتزَّ عبرَ البركةِ
مِنَ السّرارةِ إلى القاعِ.

أحببتُ رأسكِ البليلَ والدّبيبَ الباهرَ،
ظهركِ السبّاحَ الأملسَ وكتفيكِ
وإنتِ تعومينَ، تعومينَ ثانيةً،
هذا العامِ وفي كلِّ عامٍ.

أشكرُ اللهَ على هذا الثّقلِ البطيءِ،
حينَ رفعتكِ الآنَ
كنّا قريبينِ وعميقينِ
كالطّقسِ على الماءِ.

يدايَ مياهٌ سُبرتْ أغوارها.
أنتِ ثع

لبتي الملموسةُ، الخفيفةُ
لذاكرةٍ
في بركةٍ اللحظةِ،

تستديرينَ لتسبحي على ظهركِ،
كلُّ ركلةٍ صامتةٍ، تهزُّ الفخذَ
وتقوّسُ الضوءَ ثانيةً،
تجيّشُ البردَ على جيدكِ.

ثمّ تخرجينَ فجأةً،
وتعودينَ ثانيةً، مواظبةً كالعادةِ،
ثقيلةً ولعوبةً في عدوكِ السريعِ الرشيقِ،
تدمغينَ الأحجار.

 

فخري صالح
الحياة اللندنية

 

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail