لم أعرف بداية الأمر لماذا توقفت أمام ذلك المطعم المتواضع والجميل، وأنا في طريقي إلى تلك المدينة الشمالية النائية، كنت أحس بغربة خانقة في هذا البلد الذي لا أعرف فيه أحدا، كان كل شئ فيه يعجبني إلا هذه الوحدة القاتلة، هذا الصباح يبدو أنني بدأت أتعود على هذه الوحدة …لست أدري، كان لدي إحساس مختلف بالناس وبالمكان وأنا أتجول في أرجاء المدينة، كانت الريح تدفع بي في كل الاتجاهات وكانت قطرات المطر تدلل وجهي منذرة ببدء عاصفة صغيرة، لم أكن أعبأ بذلك كثيرا لأن أفكارا أخرى كثيرة كانت تتزاحم في ذهني وأنا أتمشى على رصيف الشارع المبلل، فجأة توقفت تراجعت قليلا إلى الخلف، وجدت نفسي أمام مطعم سمك صغير في زاوية شارع “السير ألكس”، ولم يكن الوقت وقت غذاء، كان المطعم ضيق المدخل لكنه مرتب بعناية، وكان الخدم ببدلات يبدو أنها فقدت لونها الطبيعي منذ زمن بفعل بقع الزيت وخليط معجون الطماطم والخل، توقفت فجأة وقررت أن أدخل هذا الباب الضيق والذي لا تكاد معالمه ترى من تداخل الأصوات ودخان الشواء المتصاعد من الباربكيوهات التي تصطف في أرجاء المكان.
السن الذهبية / ادريس خالي
نصوص / تغريد عبد العال
مختارات من “ومخالب إذا لزم الأمر” / خالد أبو بكر