الأنا الأعلى والمسلم الأعلى / فتحي بن سلامة

لأنّ المجتمع يتغيّر، فإنّه يُمكننا تغيير الدين. فالمسيحيّة لم تضطرّ إلى أن تتطوّر إلاّ تحت ضغط المجتمع الذي تغيّر، وهو ما يتواصل إلى حدّ اليوم. أضف إلى ذلك أنّه يُوجد بالفعل مكتبات كاملة لتفسير القرآن من بينها تفاسير جدّ ليبراليّة. وأنا أكرّر مرّة أخرى، أنّ ما سيغيّر الإسلام، هي المجتمعات الإسلاميّة نفسها. والمستقبل بالتّأكيد ليس في أيدي علماء الدين! تغيير الإسلام سيكون اجتماعيّاً أو لن يكون.
إذن، فلنغيّر المجتمعات، وستكرّ السبحة !

  • – حوار مع د. فتحي بن سلامة، عضو المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (بيت الحكمة)، والمحلّل النفسي وأستاذ علم النفس في جامعة باريس ديدرو. أنباء تونس

ترجمة: محمّد الحاج سالم 

 

مثلما يتمّ الحديث منذ فرويد عن “الأنا الأعلى” للإنسان، فأنت تتحدّث عن “المسلم الأعلى” للإشارة إلى ميل بعض المسلمين إلى شكل من أشكال المزايدة الدينيّة، لكنّه يعمل في أساس العالم الإسلامي بمجمله. كيف توصّلت إلى بلورة هذا المفهوم؟
بدأ طيف المسلم الأعلى يراودني طوال الخمسة عشر عاماً من النشاط السريري في مقاطعة السين- سان دوني (Seine-Saint-Denis) شمال شرق باريس. فقد لاحظتُ من خلال عياداتي كيف بدأ بعض المسلمين ممّن عاشوا إلى ذلك الوقت علاقتهم بالإسلام بطريقة هادئة وتقليديّة، يغرقون في عذابات لا تنتهي، وباتوا يعتقدون بأنّهم ليسوا “مسلمين كما ينبغي”، بل ويشعرون بأنّهم في حالة ارتداد عن دينهم. لقد كان يهزّهم شعور عميق بالذّنب وبالرّغبة في استعادة كرامة مفقودة، وأنّ عليهم واجب أن يكونوا “أكثر إسلاماً” ممّا هم عليه، بتشرّبهم الوصم والمطالبة بعدالة هوويّة. لقد كنّا نتحدّث حينها عن “الأصوليّة”. وعندما درستُ عن كثب خطاب التيّار الإسلاموي ونشأته، برز نمط “المثل الإسلامي الجريح” كمكان للدعوة إلى الإصلاح، إن لم يكن للانتقام، من خلال الدين. هذا اللقاء بين السريري والاجتماعي هو ما جعلني أمام المسلم الأعلى كصورة يمكن أن تُوجد في شكل توجّه ويمكن أن تتّخذ تجسّدات مختلفة، وتتمثّل في السعي إلى أن يكون المرء أكثر إسلاماً ممّا هو عليه والتخلّص من إحساس بالعار من خلال حماس ديني مفرط.

كيف ولدّت الإسلامويّة تاريخيّاً هذه الصورة؟
العالم الإسلامي في حالة حرب منذ أكثر من قرن. لقد خضع لحملات عسكريّة وعاش في جميع أرجائه حربا أهليّة مقنّعة أو معلنة. وقد ولّدت حالة الحرب الدائمة هذه ما نراه اليوم: مجتمعات منكسرة، وفي بعض الحالات مدّمرة ذاتيّاً. ولكن “المشهد البدائي للإسلامويّة” يعود إلى حملة نابليون على مصر وصدمة اللقاء العنيف مع القوّة الغربيّة. وستولّد هذه الصدمة المؤلمة حرباً داخل الإسلام بين أنصار التنوير ومن رأوا فيها تدميراً لحضارتهم. وإذا ما كانت بعض النخب ستسعى إلى تبنّي الاختراع السياسي الأوروبي في التمييز بين السلطات واعتباره متلائماً مع الإسلام المتصّور كإيمان وأخلاق – وهو ما سيولّد حركة الإصلاح (النهضة) الكبيرة في القرن التاسع عشر -، فقد كانت ردّة فعل عدد من الآخرين الرفض ومعاداة حركة التنوير. وقد كانت اللحظة الحاسمة لولادة الإسلامويّة مع انهيار الإمبراطوريّة العثمانيّة في عام 1924 التي عاشها البعض بوصفها انهياراً للمثل الإسلامي. ومن هنا تولّد شعور بالخيانة والذلّ، شبيه إلى حدّ ما بما أحسّت به ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالميّة الأولى. واعتباراً من عام 1928، ستظهر الإسلامويّة في بنيتها الأوليّة من خلال جماعة الإخوان المسلمين التي ستعتمد معارضة الغرب بوصفه مخترع السياسي، أي الحياة المشتركة دون تدخّل من الله، وذلك من خلال العودة إلى الدين بوصفه الحلّ لجميع المشاكل (شعار الإخوان: الإسلام هو الحلّ). من هنا تولّدت إرادة التوجّه نحو “المسلم الأعلى”. وبالتالي، كانت الإسلامويّة منذ البداية طوبى مضادّة للسياسي. وفي هذا الصدد، أجد أنّ تعريف الإسلامويّة بأنّها “إسلام سياسي” كان بمثابة حاجز نحو فهم حقيقي للهدف الأساسي المتمثّل في إنتاج قوّة فوق دينيّة تُعيد الارتباط بالمقدّس الأرخي (archaïque) والإنفاق الأضحوي (dépense sacrificielle). وهذه تصوّرات باتت ذكرى قوّتها الخارقة نسيّاً منسيّاً في أوروبّا … وبطبيعة الحال، فإنّ الأصوليّة لا تقتصر على العالم الإسلامي. فقد أظهر أوليفييه روا (Olivier Roy) ومارسيل غوشيه (Marcel Gauchet) أنّ الإسلام الراديكالي هو مظهر من مظاهر التطرّف المنتشر في عديد كبير من الأديان في العالم، نتيجة ما قامت به الحداثة من تدمير للبنى التقليديّة. ولعلّ ما ميّز الإسلام في هذا الخصوص، يتمثّل في أنّ قسماً من أصوليّته كان، بسبب الحروب، مسلّحاً.
كما راهنت الإسلامويّة كذلك بصفة كبيرة على فكرة أنّ نهاية إمبراطوريّة الخلافة كانت تعني انفصام علاقة المسلم بـ “الأمّة” التي يُنظر إليها على أنّها “أمّ حاضنة” (matrie) تلاشت وينبغي استعادتها، وهو ما يمثّل اليوم موضوعاً على غاية من الأهميّة ومصدر قلق بالغ من وجهة نظر الهويّة الإسلاميّة.
هذا هو التضليل الكبير الذي تعتمده الإسلامويّة في تغذية الوهم بأنّ الجماعة الدينيّة لا بدّ أن تتطابق مع امبراطوريّة. ذلك أنّ الأمّة في نظر المسلمين، هي الجماعة الروحيّة، وقد شهد تاريخ العالم الإسلامي تطابق الأمّة في الواقع مع إمبراطوريّة، ولكنّ هذه الأخيرة انهارت، وأضحت إعادة بنائها أمراً مستحيلاً.
على المسلمين التخلّي عن هذه الفكرة. لقد وُجدت إمبراطوريّات، إمبراطوريّة رومانيّة، وإمبراطوريّة فرنسيّة، وإمبراطوريّة انكليزيّة قيل أنّ الشمس لا تغرب عنها… لقد انتهت الإمبراطوريّة، وهذا لم يمنع أن يكون للإنكليز حضارة كبيرة. لقد انفصم الارتباط بين الإمبراطوريّة الرومانيّة والمسيحيّة، لكنّ المسيحيّة استمرّت في الوجود. فرنسا أيضاً تُعاني معاناة كبيرة من أجل تجاوز ماضيها الإمبراطوري الذي يلاحقها كشبح. كلّ يوم يطلع علينا أحد السياسيّين ويقول “ينبغي أن تستعيد فرنسا عظمتها”. إلاّ أنّ فرنسا لا تحتاج من أجل ذلك إلى أن تكون إمبراطوريّة. فالحضارة الفرنسيّة موجودة، وهي جليّة أمام عيوننا، وعظيمة بحقّ في ذاتها، بثقافتها، ورقيّها… على المسلمين إذن التخلّي بدورهم عن وهم الإمبراطوريّة، والاعتراف بأنّ إمبراطوريّتهم قد هُزمت. ورُبّ هزيمة أشرف من انتصار، ورُبّ انتصار لا يعدو انتصار أوباش.

ومع ذلك، نرى البعض يُفضلّ أن يموت من أجل “خلافة” مزعومة. لماذا يُضحي هذا النوع من الموت المتمثّل في تضحية الانتحاري بنفسه مرغوباً عند المراهق (تتراوح أعمار ثلثي الجهاديّين تحديداً بين 15 و 25 عاماً)، وخاصّة عند شباب غربي غير معنيّ مبدئيّاً بالمثل الإسلامي الجريح؟
الموت مرغوب أكثر بكثير ممّا نعتقد: تشهد فرنسا سنويّاً حوالي 200 ألف محاولة انتحار، ويموت بالفعل 10 آلاف شخص انتحاراً بالفعل، منهم 1000 من الشباب. يُوجد اليوم عرض استشهاد موجّه إلى الشباب المسلمين يُبرّر ويُعزّز الرغبة في الموت دفاعاً عن قضيّة سامية. فالعرض إذن، هو ما يُحوّل محاولة انتحار بسبب اليأس، إلى عمل بطولي. نحن لا نزن الأمر كفاية بمصطلحات العرض والطلب، والحال أنّه تُوجد سوق للموت المرغوب، أو للتّضحية. الدعاة يتوجّهون إلى مراهقين منجذبين إلى السلبيّة، لأنّهم يعيشون تلك المرحلة المعقّدة من تحوّل الذات والنأي عن المثاليّة، وهي مرحلة يعجزون فيها عن مواصلة العيش في العالم الإيجابي للطّفولة ويبحثون فيها عن انتماء من خلال إعادة صوغ ذواتهم. وهنا يتمّ التلويح لهم بأنّه يمكنهم من خلال التضحية، النفاذ إلى متعة مطلقة وبطوليّة، وإلى عالم أفضل في الآخرة. وهذا ما يُعطي معنى للموت. بل هو يتجاوز ذلك، فيُعطي مستقبلاً للموت وللآخرة، ولعمري أنّ هذا هو أيضاً معنى الرجاء الديني. هؤلاء الشباب ليسوا “سُذّجاً” كما يقول البعض. يُوجد من بينهم سذّج بالطّبع، ولكن الرغبة في الموت موجودة وغير سخيفة، ولا بدّ أن تُؤخذ على محمل الجدّ.
تجري حاليّاً مناقشة بين الباحثين حول مدى ملاءمة استخدام مصطلح “الأصلنة” (radicalisation) لوصف التجييش الجهادي. لماذا اخترت الاحتفاظ بهذا المصطلح؟
يرى البعض أنّه مفهوم فضفاض، وهذا ليس خطأً، ولكن مقولات مثل “الانحراف” أو “الإجرام” هي أيضاً فضفاضة. ومع ذلك، فإنّ حقيقة أنّ “الأصوليّة” تُحيل علي “الأصل” تبدو لي ذات أهميّة كبيرة. والأصلنة بهذا المعنى هي محاولة إيجاد أصل، ما يعني أنّ الشباب الذين ينجذبون إلى الإسلام الأصولي هم في المقام الأوّل باحثون عن أصول. ومن قابلتهم في عيادتي في مقاطعة سين- سان دوني ممّن تبنى فجأة نمط عيش فائق الإسلاميّة، كانت تحدوهم الرغبة أيضاً في التأصّل، أو التأصّل من جديد في السماء، بسبب عجزهم عن التأصّل في الأرض وبسبب أنّ كلّ ما يُحيط بهم يشهد على انبتاتهم: تاريخ عائلاتهم، ومشهد المدينة، وصورتهم في عيون الآخرين، أو ما ينتظرهم من مستقبل بلا أفق …
على العكس من ذلك، أنا أرفض بشدّة فكرة “الاستئصال” (déradicalisation). فمن غير المعقول اقتراح اجتثاث جديد كعلاج، فما من أحد يقبل بأن يُجتثّ، بأن يصبح منبوذأً. ما ينبغي العمل عليه، على المستوى النفسي، هو بالأحرى مساعدة الشابّ على استعادة تفرّده (singularité) الذي خسره في خضمّ فورة التعصّب والانصهار ضمن جماعة من المُغالين. فإلغاء الحدود الفرديّة داخل المجموعات الطائفيّة، هو أكثر ما يعزّز التضحية بالنفس. وبالتالي، فإنّ الأمر يتعلّق بمباشرة إعادة بناء ذات الشابّ بوصفه مسؤولاً عن نفسه وعن اختياراته.

بما أنّ الذات هي ميّتة بالفعل بمعنى من المعاني في نظر الفرد، فهذا ما يساعده على التضحية بالنّفس؟
أنا أقارن هذا الأمر مع “متلازمة كوتار” (syndrome de Cotard)، وهي حالة حزن مفرطة تُفقد الشخص فكرة أنّه كائن مادّي. أنا أسمّي هذا “اكتئاب التوحّش” (mélancolie de l’inhumain). الشباب الذين يرغبون في الاستشهاد إنّما يريدون الخروج من الإنساني ليُصبحوا كائنات خارقة. فالآخرة متأصّلة في عقولهم من خلال خُطب الدُّعاة الذين يخترقون هواماتهم اللاوعية في لحظة تكون فيها الحدود بين الأنا واللاّأنا (le non-moi)، بين الواقعي وغير الواقعي، بين الحياة والموت، مهتزّة إلى درجة يبدو معها مباشرة فعل التضحية بالنّفس في النهاية سهلاً؛ ويغدو مجرّد خاتمة. في هذه اللحظة، يجتاح الموت المتخيّل الذات إلى درجة يفقد معها الموت الفعلي معناه.

كتبتَ أنّ المسلم الأعلى يبغي متعة خاصّة هي “سِفَاح قُربى بين الإنسان والله”. البشر نوع يتميّز بالرّغبة الدائمة في الخروج عن طبيعة نوعه. لقد فهم القدماء ذلك. أعتقد أن المأساة الكبرى تكمن في أنّ غرور البشر يظهر حين يبدؤون في ارتغاب مُتع الآلهة. فما يقوم به المتعصّبون لا يخرج عن هذا الأمر حين يدّعون مثل هذا الاختلاط بالله حتّى يتمكّنوا من التصرّف نيابة عنه، كما لو كانوا يده، ومن ثمّة يقتلون هاتفين باسمه. كيف يمكن للإسلام، في المستقبل، تجاوز المسلم الأعلى؟
من خلال اقتراحي التفكّر في المسلم الأعلى، لم يكن في نيّتي القول بأنّ المسلمين أصبحوا “بشراً أعلى”، وإنّما بالعكس، أن أنبّه المسلمين إلى أنّ الإسلامويّة قد غرست في الأنا الأعلى لثقافتهم إمكانيّات ينبغي عليهم الاعتراف بها ورفضها. المهمّة العظيمة للمسلمين اليوم هي الرجوع إلى ضديد المسلم الأعلى وهو ما يمثّل أحد أسس أخلاقيّتهم، ألا وهو التواضع. المسلم يعني “المتواضع [لله]”. يجب علينا العودة إلى تواضع الفاضل، لا تواضع الذليل. وعلى المسلمين التوقّف عن تنزيه أنفسهم عن حقيقة أنّه يمكن إنتاج وحشيّة من داخل الإسلام. نعم، لقد أنتج الإسلام، مثله مثل جميع الحضارات، وحشاً هو اليوم يتهدّدهم ويتهدّد دينهم وثقافتهم. لا بدّ أن يعوا هذا الأمر. كثيرون يقولون هذا من خارج الإسلام، ولكنّهم يقولونه في كثير من الأحيان رغبة في مزيد إذلال المسلمين. أرجو أن نسمع هذا الأمر أكثر من داخل الإسلام ذاته.

أنت واحد من الذين حافظوا، وهم يتناقصون على نحو متزايد، على نظرة إيجابيّة للثّورات العربيّة في العام 2011، لماذا؟
إنّه لأمر فظيع أن يتبنّى المرء وجهة نظر من يريد تدمير هذا الأمل التي ظهر، وهذا ما أنا متأكّد من عودته مرّة أخرى. أنّ هناك ذوات سياسيّة جديدة تمّ بذرها. ولكن من دمّر الثورات العربيّة؟
إنّها المملكة العربيّة السعوديّة، ودول الخليج التي قدّمت على الفور، في حالة سوريا، أسلحة ونقلت جهاديّين كي تتحوّل الثورة السلميّة إلى ثورة مسلّحة. في تونس، فشلوا لأنّ المجتمع المدني كان حيّاً، ولأنّه كان للنّساء بخاصّة حضور مميّز. فبفضل التحرّر والحضور الكبير للنّساء، وجد الإسلاميّون أنفسهم عاجزين عن استكمال خطوات مشروعهم، بل إنّهم أُجبروا على المشاركة في كتابة دستور يعترف بحريّة الضمير، التي تعني حرّية تخلّي المرء عن إيمانه! وسيمارس الجيل الموالي لمن عمره بين 15 و25 سنة حاليّاً، حقّه في حرّية الضمير: لن تكون نهاية القرن الواحد والعشرين دينيّة في العالم الإسلامي. أنا أخاطر بهذا الرأي، لأنّني أراهن على العقل البشري. الشبيبة الجديدة لا يمكنها إلاّ النفور ممّا فعله التعصّب، خاصّة أنّ النفور من الوحشيّة التي تُرتكب باسم الإسلام هو في الواقع عميق بالفعل في العالم الإسلامي، حتّى أنّنا بتنا نرى آثاره الأولى. ففي الأيّام الأخيرة، على سبيل المثال، وُلد جدل في تونس بعد أن دعا وزير الشؤون الدينيّة إلى تحفيظ القرآن الكريم عن ظهر قلب للأطفال خلال العُطل. وعلى الفور قامت النساء بضجّة، وقالت بعضهنّ على شاشة التلفزيون: “ما الذي سنعلّمه لأطفالنا، الآيات التي تحثّ على قتل الكفّار وضرب النساء؟ هذا لن يكون!”.
لقد أوجدت أوروبّا نمطاً لتنظيم المجتمع أمكنه من احتواء طموح الدين في حُكم العالم. وهذا ينبغي أن يعطينا درساً حول ما اشتهر باسم “الإصلاح اللاهوتي للإسلام”. فهذه الدعوات لـ”إصلاح الإسلام” هي نوع من الحقّ الذي يُراد به باطل، لأنّ الدين لا ينفتح على الفكر والحرّية والتقدّم الاجتماعي من تلقاء نفسه.
فلأنّ المجتمع يتغيّر، فإنّه يُمكننا تغيير الدين. فالمسيحيّة لم تضطرّ إلى أن تتطوّر إلاّ تحت ضغط المجتمع الذي تغيّر، وهو ما يتواصل إلى حدّ اليوم. أضف إلى ذلك أنّه يُوجد بالفعل مكتبات كاملة لتفسير القرآن من بينها تفاسير جدّ ليبراليّة. وأنا أكرّر مرّة أخرى، أنّ ما سيغيّر الإسلام، هي المجتمعات الإسلاميّة نفسها. والمستقبل بالتّأكيد ليس في أيدي علماء الدين! تغيير الإسلام سيكون اجتماعيّاً أو لن يكون.
إذن، فلنغيّر المجتمعات، وستكرّ السبحة !

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail