خمس قصائد للشاعرة الإيطالية ماريآنجيلا غوالتييري

ماريآنجيلا غولتييري  Mariangela Gualtieri (تشيزينا، 1959) شاعرة  ومسرحيّة إيطالية معاصرة. بعد حصولها على شهادة الإجازة في الهندسة المعمارية من جامعة “IUAV” بالبندقية، قرّرت تكريس حياتها للكتابة والقول الشّعري فأسّست، رفقة زميلها شيزاري رونكوني، مسرح “فالدوكا” (Teatro Valdoca) عام 1983. أصدرت عددا من الدواوين الشعرية والنصوص المسرحية من بينها: “النار المركزية وقصائد أخرى للمسرح” (دار آيناودي، 2003)، “دون غبار دون وزن” (دار آيناودي، 2006)، “وحش الفرح” (دار آيناودي، 2010) و”الكلمات الشابة” (دار آيناودي، 2015).

 

كن ناعماً معي

 

كن ناعماً معي. كن لطيفاً.
وجيز هو الزمن المتبقي. ثم
سنصير شريطين متوهجين.
وكم من الحنين سيعترينا
للإنسان. كما الحنين الآني
للانهائي.
لكننا سنكون بلا يدين. لن نستطيع
مداعبة بعضنا باليدين.
ولا خدود ستكون حتى نلاطفها
بخفة.

 

حنين للمنقوص
سينفخ لنا الفوتونات المضيئة.
كن ناعما معي.
عاملني بحذر.
احذر كما لو كانت بلوّرة
معي وكذلك معك.
ما نحن عليه
أغلى من عمل فني محكم الإقفال داخل قبو
عاطفي وهشّ. تحتاج الحياة
جسداً لتكون، وأنت كن ناعماً
مع كلّ جسد. المس برفق
رفقا ضع رجلك
وارعَ
كل ميكانيزم للطيران
كل اختلاج وتحليق
ونضج وجذر
وسيلان الماء ونقز
ونقب وانفتاح أو
تلاشي الأوراق
حتى ظاهرة
الازدهار،
حتى قطعة اللحم على الطاولة
جسد قابل للأكل
لحماستي حتى أكون هنا.
فلنشكر. من حين لآخر.
فلتكن كينونتنا هذي ساكنة –
كينونتنا كأجساد مختارة
لإدغام رفاق
الحب.

—————————————————————-

تمرين الانتقال

 

لم يكن الزمن هنا
إلا قطعة كرتون،
خضّة. أغلقَ البابُ
للمرّة الأخيرة.
حُزمة القوى المنزلية
جِنّيُّ المكان
ألقي عليهما السّلام بالحمد.

 

إلى كلّ ما يصمت بتمام
وكان دائم الصّمت هنا
إلى ما لا يظهر
في هذا المسكن الخالي
ويبقى كما لو كان في انتظار شاسع.
إلى هذه النقطة من العالم، عند مرتفع المدينة العتيقة
إلى هذا الوِجار من النور والمواساة
الذي عشقنا فيه بكل ما لدينا
ونمنا جيدا في طمأنينته
وقمنا بكل الأشياء البشرية
للحياوات، إلى قلبي
دون الحزن الذي يُسلّم على الكلّ
مسرورْ، مثل تمرين
للفتورْ، مثل مدرسة
كبيرة للانتقال وللتَّرك.

أتخلى عنكِ، أيتها الأشياءْ.
فليكن اشتياقي إليكِ النّغمةَ
التي ترشدني الآن:
فليكن الظَّهرُ المُحرّر من الثِّقل
مستقيماً في انتظار
التشييد الأعظم.
الاستكفاءُ بالقليل وباللاشيء المفيد.
أما المتبقى، فليكن أعدم. فليكن وئاماً
مع كل ما لا وزن له.

—————————————————————-

آلكستیس

 

لكن مجرد التفكير فيك.
ليس شكلا يأتي
أثراً نقياً.
إنه كما السقوط إلى مكان
مع بعض من الألم.

إنك لي أنت أكثر امتدادٍ
موضوع على عمقي. أنت. ليست هناك
صيغة أخرى للعالم
تتكئ على قلبي
مع ذلك اللّمس، ذلك الوطء.
أنت. إنك للعالم الشكل الأغلى،
الصيغة، أنت لي سكنٌ
سكني، سرير
يرتاح إليه جسدي القلق هذا.
دونك أكون بعيدة
لا أعلم عماذا لكني
بعيدة، منزعجة بعض الشيء
تائهة، كأني مريضة،
متسخ هو العالم قليلا بعيدا عنك،
أكثر عدائية، يخز
ويخدش، خارج أي قياس.

يا أنتاي الحقيقي، يا جسدي الآخر
يا جسدي بين كل الأجساد لي
الجسد الأكثر قربا، يا جسدي قدري
المعمول
للإدغام في كينونتي
هنا بشكل أنوثة
بشرية. يا أنتاي. صوت عتيق
متردد، عتيقُ
الإحساس بأنك قدر متشابك
إحساسٌ بكونك الأبديّ،
موعود من عقود خالية
من مسافات مخيفة للغاية
غاية في المغامرة مسافات لها
أبعاد قدسية.

أنت مقدس لقلبي.
ناري
تحترق دائما مع نارك
أنفاسي.

أتحدث عن القوى –
عن التيارات عند قاع بحيرتي
عند قاع بحيرتك، مظلمة وجبّارة،
من الزمان أقسى
ومن الفضاء أشسع، لكنها رقيقة
لإحساسنا نحن،
ممسوكة بالكاد
ثم ضائعة، في لعبتها.

ما نحن عليه أنا وأنت؟ ما كنّاه
قبل هذا المُسمّى؟ وكذلك
سنكون شيئا، نعرف ولا
نعرف، مع إحساس
ليس كدحا مُخيّا مدركا.

لا جزء من الجسد المائت
لا قطعة بشرية، ولا أطراف،
لا تدفق دموي، لا
قلب، لا أحد، لا شيء محضون
عند دائرة الشمس، لا شيء
أرضيّ فقط وبشري يُحرّك
قلبك نحو قلبي، قلبي نحو قلبك،
كأنهما جزءان من واحد أوحد.

أنت إذن درسي الأكبر
تعليمي الأعظم.
لا كينونة لغير الأوحد، الأوحد وحده يكون
الأوحد فقط، دون الزوج.

—————————————————————-

داخل اللّسان

 

داخل اللّسان
صُرّة من المقاطع اللّفظية
تُرخى إلى غناء.
حان وقت السقوط
في حزمة قمح الكلمات
يُحضّر منها خبزٌ للجميع.

—————————————————————-

اضطراب شديد للغاية

اضطراب شديد للغاية
يملأ هذه الغرفة
من الداخل. ولا أعرف
كيف أحصر تدفق قِطَع العالم
المداخل الجافلة
وسواس الصفحات والأوراق
وقطع الخبز القديم
وبقايا تفاح مسودّ. أين
رابط كل هذا الضجيج
أرمي ماذا، ماذا أكدّس
وأخزن. كيف أوقف
العالم النازف الذي يضغط
ويفيض ويغزو ويغمر
ويتكدّس ويتفتّت ثم يأتي
إلى داخل الغرفة
وينزل بثقله ثقلُ القرون
مع صوت، مع ألف إرسال مهدور
ونداء وخطاب.

 

اختارها وترجمها عن الإيطالية : فرناندا فسكيوني وأيوب المزين

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail