ذكريات خريف قادم

 

آسر

 

1

كلّ ما حلمت به:

أن نذهب سويًا لفيلم فرنسيّ باريسيّ

عن علاقات عائلية متوترة تفضي إلى لا شيء

ثم نذهبُ إلى مطعم صغير

يختبئ خلف حبال ما تبقى من بياض القمر ِ

نتمشّى في جادة “حِين”، نجتاز قصر الثقافة

هيكلَ المسرح الوطنيّ (مسرحهم/مسرحكم) على يمينِنا

نمضي في جادة “روتشيلد” حتى آخرِها

نستقل خط 5

أنام معك في شقتك

أو

تنام معي في شقتي

نبلغ خشوعَنا معًا

تتسلل في الفجر.. بعد أرقٍ قصيرٍ معقولٍ

أنهضُ وحدِي

وهكذا…

2

كلّ ما حلمتُ به أن نذهبَ في المساءِ إلى فيلم…

فيلم بوسني عن ارتدادات الحرب الأهليّةِ

نرفع أرجلنا على المقاعدِ الحمراء شبهَ الفارغةِ

نتبادلُ النكات مع الموجودينَ…

يخبرُنا حارس الصالة عن حلمه اللحوح بموتٍ جديدٍ

تأخذني بين ذراعيْكَ في ليل خريفيٍّ طالَ انتظارُه

نتمشى في شوارع الخريفِ.. لا شيءَ يتساقط على رؤوسِنا

لكنّ روائحَ هذا الفصل تصفعنا.. رائحة برتقال غضٍّ

وكآبةٍ..

كآبة أنيقة

تحجز وجنتيْ بين كفتيكَ.. تقبلني بشيءٍ من الحرارةِ

أنا ذاكَ الطفلُ الشقيّ الفارُّ من إجازاتِ الأعيادِ العبريةِ

لا رغبة حادة في عينيْكَ..

لا رغبة للدهشةِ في عينيَّ..

أنام معكَ في شقتكَ

أُنقبُ عن صلاة جديدة عند أسفل ِ خاصرتِكَ

أغادرُ بعد الفجر ِ

أتناول قهوتي في زاويةِ الرّتابة الدامعةِ

في مونتيفيوري…

وهكذا

3

كلّ ما أردتُ أن أقوله:

هيا بنا

فلنذهبْ إلى فيلم رومانسي غريب غير ناطق ٍ بالإنجليزيةِ

ولا بالعبريةِ طبعًا..

نتناولُ قهوة سريعة وسَمبُوسَك محشوًا بجبنة الفيتا والزعتر المنهوبِ

نتمشّى عند حوافِّ الشطر المُتهالكِ من المدينةِ

في محيط “اللنبي-يهودا هَليفي” مثلاً

نقطرُ الشجنَ في قارورةِ العادةِ

نقطر الاحتياج من دموع أوراق تأبى أن تتتساقط دون أن تملي شروطَها

أحدثكَ عن ذكرياتٍ لوقائعَ لم تحدُثْ في الشّارعِ المُقبلِ

وقصص لذةٍ مُشبَعة برائحة البَول والبُراز عند هذهِ الزّاويةِ

وتلكَ وتلكَ.. وتلكَ التي بعدَها

وعن اشتياقي لسجن مدينيٍّ يتسرسَبُ طيلة الوقت من بين أنامِلي

ويضيعُ كُلَّ مرةٍ من جديدٍ

ها هي ريحٌ خريفية ٌ رطبة ٌ..

تتألق ثم تندمُ

فلنذهبْ إلى نُزلِكَ الحقير ِ.. ننامُ سوية..

لألعقَ رطوبة َ أيامِكَ.. وأموتَ من نار الشّهوةِ

ثم أفرّ في السّاعةِ الواحدةِ

وأسير وَحدي حتى بوابات يافا

4

كلّ ما حلمتُ به

أن نذهبَ سوية لفيلم إيرانيّ عن قمع النساءِ

ثم نجلسَ في مقهى يُقدّم الشطائرَ المُحمَّرةَ حتى الواحدةِ عشرَة

ثم أنامُ معكَ.. كما في كلّ ليلِ خريفٍ يحتفي بعذوبةِ عاديّتِهِ

وأمضغُ وجودَنا حتى الثمل…

أغرسُ أظفاري في عجزيْكَ وهما ينقبضانِ داخِلِي

ولكنّ

القطة َ المذبوحة َ التي حلمتُ بامتلاكِها في شقتِي

كانت ستنتظرُنا عندَ مدخل الحَسرةِ

هكذا.

 

عن قديتا

 

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmail